أبان السيد منهل نصر، الرئيس التنفيذي لشركة “أوج للاستثمارات أن قطاع المأكولات والمشروبات في دولة الإمارات العربية المتحدة يعد من أكثر القطاعات ازدهاراً في المنطقة، و يتوقع نموه بمعدل سنوي مركب يقدر بـ 6.8٪ في الفترة بين 2022 و2027 (شركة “موردور إنتلجنس”). وهناك عدة عوامل تلعب دوراً مهماً في تحفيز هذا النمو السريع، بما فيها تزايد أعداد المغتربين الذين يستقرون في المنطقة، وارتفاع معدلات الدخل المتاح للإنفاق، وزيادة تدفق السياح، وأنماط الحياة العصرية، وارتفاع فرص الاستثمار الأجنبي، والعادات الغذائية المتغيرة باستمرار. يُضاف إلى ذلك أن دولة الإمارات كانت من الدول القليلة التي نجحت في التعامل مع أزمة جائحة “كوفيد- 19″، مما ساهم في تعافي اقتصادها بسرعة.
ويتحدث هنا منهل نصر، الرئيس التنفيذي لشركة “أوج للاستثمارات”، عن عاملين رئيسيين أثرا على خدمات التوصيل وتناول الطعام في المطاعم خلال السنوات القليلة الماضية:
تأثير جائحة “كوفيد- 19”
شهد سوق الخدمات الغذائية على مستوى العالم تغييراً جذرياً في عام 2020، ولم تكن دولة الإمارات بمعزل عن هذا التغيير. ومن اهم العوامل التي اثرت سلبا علي هذا القطاع , قيود الإغلاق التي فرضتها الدول للحد من انتشار الوباء ، حيث جعلت خيار تناول الطعام في المطاعم غير ممكناً في الأشهر القليلة اللاحقة. ومن اكثر المتأثرين بهذه القيود هي المؤسسات المستقلة التى لم يتواجد لديها انظمة دعم داخلية أو شركاء في سلاسل التوريد لمساعدتها علي تجاوز الاثار السلبية الناتجة عن هذه القيود ، وذلك على عكس منافسيها من مؤسسات عالمية. كما واجهت الشركات التي لم تكن تعتمد نموذج العمل عبر الإنترنت ضمن أعمالها صعوبات بالغة.
وأسفر الإغلاق العالمي عن ركودٍ اقتصادي كما أثر بصورة سلبية على سلاسل توريد المأكولات والمشروبات في جميع دول العالم، مما أجبر العديد من شركات الخدمات الغذائية على إجراء تغييرات جذرية في أسلوب عملها للتأقلم مع تبعات الأزمة وضمان استمرارية أعمالها.
التجارة الإلكترونية السريعة
تعد التجارة الإلكترونية السريعة من أحدث التوجهات وأسرعها نمواً في مجال التجارة الإلكترونية، وقد زادت أهميتها بعد جائحة “كوفيد- 19”. وقُدرت قيمة التجارة الإلكترونية السريعة عالمياً بحوالي 25 مليار دولار أمريكي في عام 2021، ومن المتوقع أن ترتفع لتصل إلى 72 مليار دولار بحلول عام 2025. علاوةً على ذلك، لعبت الجائحة دوراً كبيرا في تسريع وتيرة التحول الرقمي للشركات الذي كان من الممكن أن يستغرق عدة سنوات، كما تسببت في تغير كبير في اختيارات العملاء.
ويبدو أن النمو الكبير في التجارة الإلكترونية السريعة، التي وُجدت في الأساس للتعامل مع ظروف غير اعتيادية، قد جعل منها أسلوب حياة بحد ذاته، ولا سيما في ضوء تنامي مفهوم السهولة لدى العملاء. إضافةً إلى ذلك، أصبح توصيل الطعام أسرع وأسهل مع وجود الكثير من الخيارات وإمكانية تتبع سير الطلبات بشكل آني، والتي تمنح العملاء الشفافية التي ينشدونها والقدرة على متابعة طلبهم من وقت تقديمه إلى حين تسليمه لهم.
ووفقاً لعدة تقارير صدرت مؤخراً عن شركة “ستاتيستا”، يعد سوق المأكولات والمشروبات في دولة الإمارات ثاني أكبر سوق لتوصيل الطعام عبر الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يبلغ حجمه السنوي 834 مليون دولار أمريكي. وقد بدأت شركات المأكولات والمشروبات في الدولة باعتماد عدة استراتيجيات للتكيف مع تغيرات السوق وتلبية متطلباتها وتحقيق ميزة تنافسية، بما في ذلك منصات الطبخ الافتراضية، وتراخيص الامتياز، وصفقات الدمج والاستحواذ، و التسويق عبر الإنترنت، وإبرام شراكات مع منصات التوصيل عبر الانترنت وشركات التوصيل الخارجية.
وتسببت الجائحة في انخفاض عائدات بيع المطاعم بنسبة 70٪ خلال النصف الأول من عام 2020، ولكن نظراً للجهود التي قدمتها دولة الإمارات لاستعادة اقتصادها، بما في ذلك حملة التطعيم المجانية وتخفيف قيود الإغلاق مع المراقبة الدقيقة لتطبيق اللوائح التنظيمية، عاد نشاط تناول الطعام في المطاعم إلى الارتفاع التدريجي خلال النصف الثاني من العام. وبحسب أحدث تقرير لغرفة تجارة وصناعة دبي، ارتفعت مبيعات قطاع المأكولات والمشروبات عبر الإنترنت بنسبة 255% في عام 2020 لتصل إلى 412 مليون دولار، أي بمعدل نمو سنوي مركب قدره 8.5٪، مع توقعات وصولها إلى 619 مليون دولار بحلول عام 2025.
ونظراً لتنامي أهمية جانبي السهولة والسلامة الشخصية خلال هذه الأوقات، ظهرت صيحة جديدة في سوق طلب المأكولات والمشروبات عبر الإنترنت، حيث توفر شركات التوصيل خدمة توصيل الطلبات في غضون 45 دقيقة أو أقل. وهذا سيدفع بالعديد من الشركات والمنافسين للتحول إلى نموذج التجارة الإلكترونية السريعة. وبطبيعة الحال، ستواجه تلك الشركات نتيجة هذا التحول العديد من التحديات من أجل اجتذاب العملاء وتوفير خدمات تنافسية.
وهنالك عدة عوامل بارزة ساهمت في تعافي قطاع المأكولات والمشروبات في دولة الإمارات، منها تعامل الدولة بخبرة مع الجائحة، واستضافة إكسبو 2020، وازدهار الحركة السياحية، وانتعاش الاقتصاد عموماً بوتيرة راسخة.
وعموماً، ورغم عودة العملاء في دولة الإمارات إلى تناول الطعام في المطاعم بعد الجائحة، لكن ما زال على الشركات أن تواصل تقديم تجارب فريدة وأصيلة لعملائها من أجل الحفاظ على ولائهم. أما فيما يتعلق بخيارات التوصيل، فمن المؤكد أن الحلول المبتكرة وجدت لتبقى وستشهد بالتأكيد نمواً أكبر على المدى الطويل؛ وذلك بسبب التحول التكنولوجي السريع، وانتشار الإنترنت على نطاق واسع، والتغير الدائم في اختيارات المستهلكين، بما في ذلك تنامي اهتمامهم بجوانب السهولة والسلاسة والسلامة.