بين حين وآخر أتلقى رسائل جميلة ما بين صور ثابتة أو متحركة لمواقع سياحية وتراثية في مختلف مناطق المملكة، وأعاود الاطلاع عليها مرات ومرات ثم البحث عنها عبر مواقع المعلومات، وأحياناً بالاتصال الشخصي على الزملاء الذين يسكنون في المنطقة واستفسر منهم عما نشر، وأفاجأ بمعلومات أخرى تزيدني شوقاً وأحياناً حسرة على هذه المعلومات التي كنا نجهلها عن بلادنا الغالية وما فيها من كنوز تراثية، ومواقع طبيعية، وآثار تاريخية لم تنل حقها حتى الآن من الاهتمام والعناية والتعريف بها من قبل الجهات المختصة وفي مقدمتها الجهة المعنية بالسياحة والتراث ووزارة الإعلام.
وشهادة حق أن بعض «رواد الكشتات»، وهواة الرحلات والجولات من أبناء الوطن قد قدموا خدمات جليلة تذكر فتشكر بالتعريف بمواقع لم نكن نعرفها من قبل، وقصرت همة أبناء المناطق في التعريف بها، وكذلك الجهات المسؤولة والمختصة، وحينما غشاها هواة الرحلات وتم التعريف بها بدأت تكثر إليها الزيارات ويرتادها الناس ولربما بقيت على حالها دون التفات لتطويرها وحمايتها والعناية بها، وتحسين البنية التحتية المحيطة بها من قبل البلديات.
إن صناعة السياحة لها مقومات وخدمات وثقافات، وبلادنا الغالية غنية بأماكن ساحرة وجذابة ومتنوعة وأجواء مختلفة لكل فصول السنة، فهي كالقارة تجد فيها التباين في التضاريس والمناخ والتراث، ومما يميز كل ما فيها أنها مع خصوبتها أرض بكر ولم تكتشف بعد، وجهود وزارة السياحة، ومن قبلها هيئة السياحة لم تعزز من نشر السياحة لا محلياً ولا خارجياً، ولم تسهم حتى الآن في التعريف ببلادنا ومناطق الجذب فيها، ولم نشاهد تتبعها مع الجهات ذات العلاقة في تطوير بيئة السياحة لتناسب كافة الطبقات والمستويات، ولم تعرف بعد بالاستثمارات فيها، وكل ما تم من استثمارات هي بجهود رجال الأعمال الذين درسوا الجدوى الاقتصادية ونفذوا وفق رؤيتهم لا رؤية وزارة السياحة أو بالنظر للرؤية الاقتصادية للبلد 2020و2030.
لقد أجبرت أزمة كورونا الناس على البقاء في بلدانهم وحينما أرادوا التجول لم يجدوا لهم المعين عبر الجهات الرسمية، ولذا لجأوا مع الأسف إلى ما يتناقله الناس عبر مواقع التواصل وشدوا الرحال إليها وربما وجدوها أفضل مما سمعوه ورأوه، وربما كان العكس فوجدوا المبالغة في الوصف والتصوير ونقل المعلومة، ولو كانت المعلومات السياحية مقدمة من جهات الاختصاص فلربما توافر لهم المعلومات الدقيقة.
إن مهمة وزارة السياحة ليست في التعريف وتقديم المعلومات بل تشمل كذلك البحث مع الجهات المعنية كالتجارة والإعلام والبلديات وغيرها سبل تطوير السياحة المحلية والنهوض بها وتقديم الخدمات المساندة والمقررة لها، وما لم تكسب ثقة السائح المحلي فلن نكسب ثقة السائح الأجنبي.
سلمان بن محمد العمري – الجزيرة